المحتويات
متى تقرأ سورة الكهف؟ وما فضل قراءتها؟ نظرًا لأن الحياة عبارة عن تجارب والإنسان العاقل يجب أن يتعظ من تجارب غيره سواء كانت سلبية أو إيجابية، فإن الله قد فضل بعض سور القرآن الكريم عن غيرها، ومن أبرزها سورة الكهف التي تضم مجموعة كبيرة من الآداب والحِكم والمواعظ، ومن خلال موقع أهل البلد اليوم سنعرف ما أفضل وقت يُمكن قراءتها فيه.
متى تقرأ سورة الكهف؟
أشار عدد كبير جدًا من علماء الدين الإسلامي إلى أن أفضل وقت لقراءة سورة الكهف هو يوم الجمعة، أما عن الموعد بالتحديد فقد اختلف عليه الفقهاء، فنجد بعضهم يقول إن أفضل موعد لقراءتها يبدأ من وقت غروب الشمس يوم الخميس وحتى غروب شمس يوم الجمعة.
بينما أجاب البعض الآخر على سؤال متى تقرأ سورة الكهف بأنه يجوز قراءتها ليلة الجمعة أو طوال يوم الجمعة نفسه، منبهين على أن لها العديد من الفضائل قد تم ذكرها في الأحاديث النبوية الشريفة.
فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
يعرف الكثيرون متى تقرأ سورة الكهف لكنهم يجهلون السبب وراء فضل قراءتها في هذا الموعد، والسر وراء كون هذا الوقت هو الأكثر مناسبة لقراءتها أو سماعها عمومًا، لذا قُمنا بذكر بعض فضائل قراءتها يوم الجمعة فيما يلي:
أولًا: الوقاية من فتن الدنيا
في ظل الإجابة على سؤال متى تقرأ سورة الكهف جدير بالذكر أنها تضم عدد كبير جدًا من المواعظ والحكم، وذلك لأنها تطرح الفتن الدنيوية الأربعة التي يتعرض لها العبد طوال حياته، وتعلمه كيف يواجهها من خلال عرض القصص التي تتناولها، والتي جاءت على النحو التالي:
1- فتنة الدين
جاءت تلك الفتنة على هيئة قصة أصحاب الكهف، وهم عباد الله الذين تركوا عبادة الأصنام والأوثان التي كان يتبعها أفراد قومهم كلهم، ليعبدوا الله وحده لا شريك له.
بعد أن هربوا من كُفر قومهم حماهم الله ونجاهم من الشر والكفر بقدرته الهائلة، وقد أُطلق عليهم اسم “أصحاب الكهف” من قِبل المسلمين، أما المسيحيين فأسموهم “السبعة النائمون”.
2- فتنة المال
تأتي فتنة المال في سورة الكهف الكريمة على هيئة قصة صاحب الجنتين، وهي المعروفة من قوله تعالى:
“وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا*كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا” الآية 32-33 من سورة الكهف.
توضح تلك القصة الحِكمة من كون الله خالق عباد فقراء وآخرين يتمتعون بالغِنى، من خلال رجل مؤمن فقير لكن قلبه مليء بالإيمان والرضا والمعرفة بأن الدنيا لا تساوي شيئًا بجانب الآخرة، ورجل آخر وهو صاحب الجنتين الذي غرّته أملاكه فظن أن ما يتمتع به من نعيم هو أمر دائم.
بعد أن كانت الجنتين تنفذ أمر الله بإنتاج مختلف أنواع الثمار الناضجة اللذيذة ذات المنظر المبهج، وبدلًا من أن يكون رد فعل صاحبها هو شكر الله – عز وجل – غفل عن ذلك وكفر بالنعمة ظنًا منه بأن كل ذلك ملكه، وبدأ في التكبر على الرجل الآخر الفقير.
ظل الرجل الغني ثابتًا على موقفه من الكُفر والتكبر على نعمة الله، وظل الرجل الفقير على موقفه من الإيمان بالله والثقة به وشكره في كل الأحوال، وبدأ يحذر الغني من غضب الله سبحانه وتعالى، وأنه قادر على أن يسلب منه كل تلك النعم ويرزقه هو بها.
قد جاء حديث الرجل الفقير في الآية 40 من سورة الكهف:
“فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا*أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا”.
في النهاية نفذ الله عقابه على الرجل الغني فأمر بصاعقة تنزل على جنتيه تدمرهما، حتى أصبحتا هالكة تمامًا، وقد ندم صاحب الجنتين على شركه بالله وكفره بنعمته، لكن بعد فوات الأوان، وتعلم وجوب مقابلة نعمة الله بشكره عليها.
3- فتنة العلم
تتمثل فتنة العلم الآتية في سورة الكهف في قصة الخضر وموسى عليه السلام، وذلك عندما وقف موسى خطيبًا في بني إسرائيل، فسألوه عن أكثر الناس علمًا على الأرض، فأخبرهم أنه هو أعلم أهل الأرض، فعاتبه الله _عز وجل_ على ذلك، لأنه لم يُعيد الفضل إليه.
ثم أخبره بوجود رجل صالح أكثر منه علمًا موجود في مجمع البحرين، وعندما سأله موسى أين يجده، قال له أن يخرج ويأخذ معه حوت، وأينما يفقد الحوت سيجد الرجل، وبالفعل قام موسى عليه السلام بذلك.
بعد أن وجد الرجل وسار معه لفترة من الوقت وقعت الكثير من الأحداث التي بيّنت لموسى أن هذا الرجل هو أعلم أهل الأرض كما أخبره الله، وبالرغم من ذلك إلا أن الرجل كان معترفًا بأن مقدار ما لديهما من علم مقارنةً بمقدار علم الله تعالى يُشبه مقدار الماء الذي يشربه العصفور من ماء البحر.
حيث كل ما قام به الرجل من أفعال بانت لموسى في منتهى الحكمة بعد أن فهمها لم تقع إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى فقط لا غير، وبذلك تيقن العباد ألا أحد أكثر علمًا من الله عز وجل مهما بلغ مقدار علمه بالأشياء من حوله.
4- فتنة المُلك والسلطة
وردت فتنة الملك والسلطة في قصة ذي القرنين بدءًا من الآية 83 وحتى الآية 98 من سورة الكهف، وهو لقب الملك الصالح الذي استطاع النجاة من الابتلاء بشكر الله على نعمه وقدرته العظيمة.
حيث قابل قوم يعيشون بين جبلين وبينهما فجوة، وعندما وجدوه حاكمًا قويًا طلبوا منه المساعدة ليفصل بينهم وبين يأجوج ومأجوج من خلال بناء سد، وذلك مقابل مبلغ من المال، لكنه وافق على طلبهم دون أن يأخذ منهم مالًا.
ثانيًا: حفظ القارئ بين يدي الله
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، والتي من أبرزها أن الله يحمي قارئها ويحفظه من كل أذى، ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال رواية أبو الدرداء عن النبي حينما قال:
“مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ” صحيح مسلم.
ثالثًا: الحصول على نور ما بين الجمعتين
بعد التعرف على إجابة السؤال الشائع “متى تقرأ سورة الكهف؟” جدير بالذكر واحدة من أبرز فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وهي مساعدة العبد على السير في طريق الحق والهُدى، والتقرب من الله تعالى، حيث يضيء له الله نور ما بين الجمعتين.
يُقصد بهذا النور الإيمان الذي يقذفه الله في قلب العبد، أو في بصره، أو بصيرته، أو في كل أحواله الدنيوية، وقد يكون نورًا يصعد مع أعماله إلى السماء، أو يظل هذا النور له حتى يوم القيامة ليتميز به عن غيره.
قد جاء الدليل على ذلك في رواية أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال:
“من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ” صحيح الجامع.
أيضًا روي عن أبو سعيد الخدري قول النبي عليه الصلاة والسلام: “من قرأ سورةَ الكهفِ يومَ الجمعةِ أضاء له النُّورُ ما بينَه وبين البيتِ العتيقِ” صحيح الجامع.
قراءة القرآن هي عبادة من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد من ربه، لكن الله قد خص بعض السور والآيات القرآنية الكريمة التي لها فضل على العبد دونًا عن غيرها من باقي السور.